كلية دار علوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كلية دار علوم

لطلاب كلية دار علوم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مدخل إلى علوم الشريعة(4)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 15
تاريخ التسجيل : 10/05/2012
العمر : 36

مدخل إلى علوم الشريعة(4) Empty
مُساهمةموضوع: مدخل إلى علوم الشريعة(4)   مدخل إلى علوم الشريعة(4) Emptyالجمعة مايو 25, 2012 8:27 pm

مدخل إلى علوم الشريعة(4)
( المذاهب الفقهية المشهورة )
الإمام أحمد بن حنبل والمذهب الحنبلي
ترجمة الإمام أحمد بن حنبل
هو أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني ، ولد ببغداد سنة 164هـ ، ثم رحل إلى مدن العلم ، وظل يطلب العلم ويعلمه حتى توفي سنة 241هـ .
وكان أحمد بن حنبل إماما في الحديث وفروعه ، إماما في الفقه ودقائقه ، إماما في الورع الزهد ، ثبت في محنة خلق القرآن ، ولم يجب السلطة إلى ما أرادوه منه فأوذي وعذب . لم يعتبره [ الإمام أحمد ] بعض المؤرخين من الفقهاء ، والصحيح أنه فقيه أثري .قال تلميذه عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق : ما رأيت مثل أحمد بن حنبل . قيل له : وإيش الذي بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأيت؟ قال : رجل سئل عن ستين ألف مسألة فأجاب فيها بأن قال : حدثنا ، وأخبرنا … ولهذا قال أبو القاسم : أكثر الناس يظنون أن أحمد إنما كان أكثر ذكره لموضع المحنة [ محنة خلق القرآن ] ، وليس هو كذاك ، كان أحمد بن حنبل إذا سئل عن المسألة كأن علم الدنيا بين عينيه .
وقد أخذ العلم عن مشاهير العلماء في عصره ، ومن شيوخه الشافعي ، وأبو يوسف ، وعبد الرزاق الصنعاني .
أصول المذهب الحنبلي:
أجمل ابن القيم منهج الإمام أحمد في الفتوى في خمسة أصول :
1- نصوص الكتاب والسنة ، فإذا وجد نصا أفتى بموجبه ، ولم يلتفت إلى ما خالفه ، ولا من خالفه كائنا من كان . فلم يقدم على الحديث الصحيح عملا لأحد ، ولا رأيا له ، ولا قياسا ، ولا قول صحابي .
2- ما أفتى به الصحابة ، فإذا وجد لبعضهم فتوى لا يعرف لها مخالف بين الصحابة لم يتركها إلى غيرها ، ولم يقدم عليها قياسا ولا عملا لأحد بخلافها .
3- إذا اختلفت أقوال الصحابة في المسألة تخير من أقوالهم ما ظهر له أنه أقرب إلى الكتاب والسنة، فإن لم يظهر له ذلك ذكر أقوالهم ، ولم يجزم بقول منها . ولذلك تعددت أحيانا أقواله في المسألة الواحدة ، وأحيانا كان يتوقف فيها .
4- الأخذ بالحديث المرسل والحديث الضعيف ، إذا لم يكن هناك ما يرد أحدهما من النصوص ، وقد كان يقدمهما على القياس . والحديث الضعيف عنده هو ما روي بطرق غير قوية ، وليس من باب الكذب والاختلاق .
5- اللجوء إلى القياس للضرورة ، بحيث إذا لم يجد شيئا مما سبق من أصول لجأ إليه .
ونظرًا لقلة هذه الأصول ، وعدم كفايتها في قيام مذهب فقهي عليها ، نعت بعض العلماء الإمام أحمد بأنه محدث وليس فقيها ، حيث كان يسأل كثيرا في مسائل لا يجد فيها نصا ولا أثرا ، فكان يتوقف ولا يبدي رأيه فيها . والصواب أن الإمام أحمد كان إماما في الفقه ، ويميل في فقهه للأثر ، أي كان فقيها أثريا ، كأنه من فقهاء الحجاز ، على الرغم من كونه من فقهاء العراق .
والأمر الثاني الذي ترتب على قلة أصول الإمام أحمد في منهجه الفقهي ، هو أن تلاميذه وأتباعه زادوا من هذه الأصول ؛ حتى يكتب لمذهبهم الدوام وتلبية احتياجات الناس . فزادوا عليها المصالح ، وسد الذرائع ، والاستحسان ، والاستصحاب ، وغير ذلك من أصول للأحكام .
ويعد أساس المذهب الحنبلي في كتاب إمامهم ( المسند ) ، وهو كتاب جمع فيه الإمام أحمد ما يقرب من ثلاثين ألف حديث مسند ، وقد شملت هذه الأحاديث والآثار جميع أبواب الفقه ، على الرغم من ترتيبها على جعل أحاديث كل صحابي على حدة ، وقد رتب الشيخ عبد الرحمن البنا ـ والد الشيخ حسن البنا ـ أحاديث المسند وآثاره ترتيبا فقهيا مع شرحها ، وذلك في كتابه الضخم ( الفتح الرباني في ترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني ) .
تلاميذ الإمام أحمد :
1- الأثرم : أحمد بن محمد بن هانئ الطائي ، مات سنة 275هـ .
2- الحربي : إبراهيم بن إسحاق الحربي ، مات سنة 285هـ .
3- الخِرَقي : أبو علي الحسين بن إسحاق .
ومن أشهر أتباع المذهب الحنبلي الإمامان الجليلان : ابن تيمية ( ت 728 هـ ) ، وابن القيم ( ت هـ 756 ).
أسباب قلة أتباع المذهب الحنبلي
1- أنه جاء بعد أن احتلت المذاهب الثلاثة التى سبقته الأمصار الإسلامية .
2- لم يكن منه قضاة ، والقضاة إنما ينشرون المذهب الذى يتبعونه ، كما حدث من أبى يوسف بالنسبة للمذهب الحنفى ، وأسد بن الفرات بالنسبة للمذهب المالكى . وقد أخذت المملكة العربية السعودية فى تطبيقه فى القضاء ، ومنذ ذلك الحين أخذ فى الانتشار ، وأعيد طبع كتبه وزاد الاهتمام به .
شدة بعض الحنابلة وقسوتهم مع مخالفيهم ؛ بحجة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر : من ذلك ما فعله بعض الحنابلة مع ابن جرير الطبري ، فقد سألوه في المسجد الجامع يوم الجمعة ، عن أحمد بن حنبل وعن مسألة في العقيدة ، فأجابهم بما استثار حفيظتهم ، ورأوا أن في ضربه تقربا لله تعالى ، فرموه بمحابرهم ، وكانت كثيرة جدا ، فقام الطبري مسرعا ، ودخل داره ليحتمي فيها ، فرموا داره بالحجارة ، حتى تكوّن على باب داره ما يشبه التل العظيم من الحجارة، وجاءت وفرة وفيرة من الجند تحميه وتحمي داره منهم .
3- تشددهم فى الحكم فى باب الطهارة والنجاسة، فكانوا يحتاطون ويحكمون بالنجاسة على كثير مما اختلف فيه .
المذاهب الفقهيةغير المشهورة
( الإباضية ) ، ( الزيدية ) ، ( الإمامية )
والمندثرة
( مذهب الأوزاعي ) ، ( مذهب الثوري ) ، ( مذهب الليث ) ، ( مذهب داود )
المذهب الإباضي
يعد هـذا المذهب من أوائل المذاهب نشوءا ، وينسب إلى عبد الله بن إباض المتوفى سنة 80هـ تقريبا ، ويحيط الغموض تاريخيا هذه الشخصية ، ولذلك اعتبر بعض الباحثين أن جابر بن زيد ـ المتوفى سنة 93هـ على الأرجح ـ هو المؤسس الحقيقي لهذا المذهب ، وما ورد عنه من نفي اتصاله بالإباضية ، محمول على أنه كان يستخدم مبدأ التَّقية ؛ حتى يتفادى أذى أهل السلطة .
وأهم أصول المنهج الفقهي لهذا المذهب : الكتاب والسنة والإجماع . ومن أشهر كتبهم الفقهية ( شرح النيل ) ، ( العقد الثمين ) .
مذهب الزيدية
ينسب هذا المذهب إلى الإمام زيد بن علي زين العابدين ( 80 ـ 122هـ ) . والمذهب الزيدي أقرب مذاهب الشيعة إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، فهم معتدلون في آرائهم الفقهية ، والفرق بينهم وبين مذاهب أهل السنة في الفقه في مسائل قليلة ، مثل ( حي على خير العمل ) في الأذان ، ورفضهم المسح على الخفين ، وتحريم نكاح الكتابيات ، ويتفقون مع أهل السنة في تحريم المتعة الذي تبيحه فرق أخرى من الشيعة كالإمامية . ومن أسباب هذا التقارب بين الزيدية وأهل السنة هو أن السنة عند الزيدية لا تقتصر على المروي عن أهل البيت وحدهم ، بل يقبلون رواية العدل أيضا من أهل السنة .
والأصول التي يقوم عليها المذهب الزيدي هي :
أحكام العقل القطعية غير القابلة للاحتمال ، ويسمونها قضايا العقل المبتوتة ؛ وذلك لأنه ليس في الإسلام ما يناقض العقل . مثل وجوب طلب العلم على المسلمين ، فلو ادعى بعض أصحاب الطرق البدعية أن طلب العلم على المسلمين غير واجب ؛ لأن المسلمين لا يطلبون الدنيا ويطلبون الآخرة ….. لكان هذا مناقضا لأحكام العقل القطعية ، وهي أن الجميع لا يختلف في أهمية العلم لكل الأمم ، المسلمة وغير المسلمة ، فطلب العلم مسلمة إنسانية وليست إسلامية فحسب . حتى طلب الآخرة لا بد له أيضا من العلم .
ثم يلي أحكام العقل القطعية الإجماع القطعي المتواتر ، وهو ما يسمى عند الفقهاء المعلوم من الدين بالضرورة ، مثل كون صلاة المغرب ثلاث ركعات . ثم يلي ذلك القرآن الكريم ، فالسنة ، فإجماع الفقهاء في غير ما علم من الدين بالضرورة. مثل دخول الحمام ـ السونا ـ بالشروط الشرعية مقابل مبلغ محدد ، فالاتفاق هنا غير منضبط ؛ لعدم العلم بالمدة الزمنية التي يستغرقها الداخل ، وعدم تحديد كمية المياه المستخدمة ، ولكن الفقهاء منهم من صرح بجوازه ، ومنهم من سكت عنه دون إنكار عليه ، فكان هذا إجماعا منهم ، أو ما يشبه الإجماع .ثم يلي ذلك الرأي بأنواعه : القياس ، والاستحسان ، والمصلحة ، وحكم العقل غير القطعي ، فما رآه عقل المجتهد حسنا شرعا أجازه ، وما رآه قبيحا منعه … كما امتاز المذهب الزيدي باستمرار الاجتهاد فيه ، وعدم إغلاق باب الاجتهاد ؛ لأن الزيدية يشترطون في الإمام أن يكون مجتهدا .
ومن أشهر كتب الزيدية : كتاب المجموع للإمام زيد نفسه ، وهو كتاب في الفقه ، وشرحه الحسيني الصنعاني في كتابه الروض النضير . كما للزيدية كتاب الأحكام للهادي الرَّسِّيِّ ، وكتاب البحر الزخار لمذاهب علماء الأمصار لابن المرتضَى .
مذهب الإمامية
وسبب تسميتهم بالإمامية هو أنهم يشترطون شروطا خاصة في الإمام . ويطلق عليهم أيضا الاثنا عشرية ، وسبب هذه التسمية هو أن الأئمة عندهم اثنا عشر إماما ، أولهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وآخرهم محمد المهدي المنتظر بن الحسن العسكري . كما يطلق عليهم كذلك الجعفرية وسبب هذه التسمية هو نسبتهم إلى الإمام جعفر الصادق ( 80 ـ 142هـ ) وهو أحد الأئمة الأعلام في العلم والفقه ، وهو أيضا الإمام السادس عندهم .
ومن أهم مبادئهم الإيمان بالمهدى المنتظر ، ويؤمنون كذلك بالرجعة ، أى رجعة النبى صلى الله عليه وسلم ، التى ستكون بعد ظهور الإمام المهدى المنتظر ، ومن مبادئهم أيضا التَّقية ، وهى المدارة والمصانعة وإظهار الطاعة لمن بيدهم الأمر ، مع الدعوة سرا للإمام المختفى . كما يرون أن النبى ص نصّب عليا رضي الله عنه للخلافة أثناء حياته .
وأصول مذهبهم تنحصر فى الكتاب والسنة والإجماع والعقل . والسنة عندهم ليست مقتصرة على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ، بل تشمل أيضا أقوال أئمتهم ؛ لأنهم يعتقدون أن ما عند أئمتهم هو من عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس من اجتهادهم . والإجماع عندهم مقيد بأن يكون اتفاقا يكشف عن رأى الإمام . والعقل عندهم أيضا لا بد أن ينتهى إلى المصلحة . ولا يأخذون بالقياس ؛ لأنه عندهم رأي ، والدين لا يبنى على آراء الرجال .
ومن أشهر فروع المذهب الفقهية تجويز نكاح المتعة ، وهو محرم عند جميع أهل السنة ، كما أن الزيدية ـ وهم أقرب فرق الشيعة لأهل السنة ـ يحرمونه أيضا . ومن فروعهم الفقهية كذلك أنهم ينكرون المسح على الخفين ، ويقدمون ابن العم الشقيق على العم لأب فى الميراث .
الإمام الأوزاعي ومذهبه
هو أبو عمرو عبد الرحمن بن محمد الأوزاعي ، (88 ـ 157هـ ) ، كان إمام أهل الشام . وأسس فقهه على الحديث، كما أخذ بسد الذرائع والاستصحاب، وكان يكره التوسع في القياس .
كما كان رحمه الله ورعا دينا ، لا يخشى فى الله لومة لائم . استفتاه عبد الله بن علي عم الخليفة العباسى السفاح فى دماء بنى أمية . فقال : هى عليك حرام . وظل أهل الشام يعملون بمذهبه إلى أن حل محله مذهب الشافعى . كما كان لمذهب الأوزاعى السطوة فى أوائل حكم الأمويين للأندلس ، ولكنه ما لبث أن ضعف أمام مذهب الإمام مالك فيها حتى اندثر .
وللأوزاعي كتاب ( السنن ) في الفقه ، كما يقدر ما سئل عنه بسبعين ألف مسألة ، أجاب عن جميعها .
الإمام الثوري ومذهبه
هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري الكوفي ( 97 ـ 161هـ )،كان من الأئمة المجتهدين، لكن مذهبه لم يكثر أتباعه ولم يطل تقليده .
وكان فقهه يقوم على الحديث ، فهو أمير المؤمنين فيه . كما أخذ الثوري بالإجماع ، وهو عنده ما يشمل المسائل الاجتهادية ، التى لا تدخل فى نطاق المعلوم من الدين بالضرورة . كما كان يأخذ بقول الصحابة ويختار من أقوالهم . وكان يأخذ أيضا بالقياس ، وإن كانت دائرته لديه ضيقة . كما أخذ بسد الذرائع .
الإمام الليث ومذهبه
هو أبو الحارث الليث بن سعد الفهري ( 94 ـ 175هـ ) ، ولد بمصر ومات بها ، وهو فقيه مصر في زمانه ، وكانت بينه وبين الإمام مالك مساجلات ومكاتبات ، وقال عنه الإمام الشافعي : ( الليث أفقه من مالك ، إلا أن أصحابه لم يقوموا به ) .
أي أن أصحابه لم ينشروا فقهه كما فعل أصحاب أئمة المذاهب المتبوعة ، فلا يلزم من كون الرجل عالما سعة وفهما ، أن يدوم علمه وتتناقله الأجيال ، فقد يعرض له من الأسباب ما تزوي علمه ، وهذا ما حدث لفقيه مصر الليث بن سعد ، فقد كان الليث من أصحاب مالك ثم استقل عنه ، ولما كانت مصر هي الحصن الأول الذى انتشر به مذهب مالك لم يقدر المصريون الليث حق قدره ، ولأن الإمام الليث نفسه لم يهتم بهذا الأمر، بل كان يأخذ العلم مأخذ الترف ، ولم تكن له الشخصية التي تجذب طلاب العلم إليه وتحملهم على تسجيل أقواله ، رغم سعة علمه وقوة حجته وإخلاصه وورعه ، ولذلك ضاع علمه مبكرا ، ولم يبق منه إلا ما تبادله مع الإمام مالك من رسائل ، وما هو متناثر من أقوال في بطون الكتب ، بل إنه من المؤسف أن الأقوال المنقولة عنه في هذه الكتب فيها شيء من التناقض .
والأصول التي يمكن الوقوف عليها من فقه الليث ، هو أنه كان يأخذ بالسنة ، وكان يرى أن كل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو واجب ، كما كان يرى جواز تخصيص الكتاب بالسنة . وأخذ بالإجماع ، ورفض إجماع أهل المدينة المتأخرين ، أي أنه يفهم الإجماع على أنه إجماع الصحابة فقط . وكان يختار من أقوال الصحابة عند اختلافهم . وأخـذ بالاجتهاد بالمعنى العام ، وليس بين أيدينا من فقهه ما يؤكد أخذه بالقياس ، وقد وجد من أقواله ما يفيد أخذه بالاستصحاب .
الإمام داود الظاهري ومذهبه
هو أبو سليمان داود بن علي الظاهري الأصفهاني ( 200 ـ 270هـ ) ، كان شافعيا ثم استقل بمذهب فقهي خاص به ، وكان له أتباع ، ولكن مذهبه أخذ في الانزواء حتى كاد أن ينسى، إلى أن جاء ابن حزم الأندلسي ( ت 456هـ ) الذي اعتنق المذهب ، ودافع عنه بكل ما أوتي من علم ، فصنف ( الإحكام في أصول الأحكام ) حيث شرح فيه الأصول التي بني عليها المذهب الظاهري ، وصنف أيضا ( المحلى ) في فروع المذهب ، واستعرض فيه كل الفقه ، حيث يذكر رأي الظاهرية في كل مسألة وأدلتهم ، ثم يقارنها بآراء الفقهاء الآخرين . وكل من الكتابين مطبوع ومتداول . وعلى الرغم من إحياء ابن حزم للمذهب ، فإنه لم يدم بعده ، وأخذ في الانحسار إلى أن انقرض .
وأهم ما يميز المذهب الظاهري عن غيره من المذاهب الفقهية ، هو إنكاره القياس ، والعمل بظواهر النصوص .
ولذلك اقتصرت أصول المذهب على نصوص الكتاب والسنة والإجماع ، فلا قياس ولا مصالح مرسلة ولا عرف ولا استحسان ولا غير ذلك من أصول الأحكام وأدلتها .
كما أن هذه الأصول تقوم على أساس العمل بظاهر نصوص الكتاب والسنة ، ما لم يقم دليل على إرادة غير الظاهر . ويرى الظاهرية أن النصوص كافية في تلبية حاجات المسلم ، ولكن عند عدم وجودها ـ فرضا ـ يرجع إلى الإجماع ، ويشترطون في الإجماع أن يقوم على اتفاق جميع علماء الأمة . وتجدر الإشارة إلى أن خلاف الظاهرية ينقض إجماع مجتهدي الأمة ، إذا كان خلافهم في غير القياس .
ونتيجة لاعتماد المذهب الظاهري على هذه الأصول القليلة ، بدا مضيقا على الناس وموقعا في الحرج ، خاصة في المعاملات ، من ذلك أنه لا يجوز عندهم أي عقد إلا إذا كان عليه دليل مباشر من الكتاب أو السنة أو الإجماع .
وقد نتج عن قلة هذه الأصول أيضا صدور أحكام فقهية لم تصدر إلا عنهم ، مثل ما ذكروه من وجوب نفقة الزوج على الزوجة حال إعساره ؛ عملا بقوله تعالى (r) فيرى داود الظاهري أن الزوجة وارثة فعليها نفقته . ونتيجة لهذا كله لم يكتب لهذا المذهب الدوام ، وبقي مدونا في الكتب دون أن يكون له جماعة تتبعه .
نصرة المذاهب الفقهية ثم انتشار التقليد والجمود
يبدأ هذا الدور الخامس من منتصف القرن الرابع الهجري ( 350هـ ) ، وينتهي بمشارف العصر الحديث وظهور مجلة الأحكام العدلية ( 1293هـ ـ 1876م ) . ويعد هذا الدور هو أطول أدوار الفقه الإسلامي الستة على الإطلاق ، ولذلك يمكن تقسيم هذا الدور أو الطور أو الفترة أو المرحلة إلى مرحلتين داخليتين : الأولى من منتصف القرن الرابع الهجري ( 350هـ ) إلى سقوط بغداد على يد التتار ( 656هـ ) ، والثانية من سقوط بغداد ( 656هـ ) إلى مشارف العصر الحديث وظهور مجلة الأحكام العدلية ( 1293هـ ـ 1876م ) .
وخصائص المرحلة الأولى : من ( 350هـ ) إلى ( 656هـ ) :
1.ظهور بداية التقليد وأسبابه . 2.سد باب الاجتهاد . 3.نصرة المذاهب الفقهية .
واقتصر دور الفقهاء في المرحلة الثانية على :
* تأليف المتون وشروحها وحواشيها . * تأليف كتب الفتاوى .
ظهور بداية التقليد وأسبابه :
تغير حال الفقهاء في هذا العهد ، فبعد أن كانوا من ذوي أهلية الاجتهاد في كل ما يستجد، تغيرت أحوالهم وصاروا مقلدين لسالفيهم من كبار الفقهاء ، ويمكن إرجاع أسباب هذا التقليد والضعف الفقهي إلى ما يأتي :
1- الضعف السياسي ، ومن ثم ضعف الحكام وعدم تشجيعهم للبحث العلمي عامة والفقهي خاصة .
2- كان الفقه الإسلامي قد دون على شكل مذاهب متنافسة ، وقد ألفت فيه المصنفات ذات التبويب والتفصيل الجيد ، مما أدى إلى الكسل والاعتقاد بأن الأوائل لم يتركوا للأواخر شيئا.
3- استهانة كثير من فقهاء هذا العصر بأنفسهم ، بقدر اعتزازهم بأسلافهم وشيوخهم في المذهب وأئمتهم ، فلم يروا في أنفسهم الجدارة بالاجتهاد كما اجتهدوا ، على الرغم من أن بعضهم كان لا يقل عن شيوخه تمتعا بالملكة الفقهية ، بل قد أتيحت لهم من وسائل البحث ومصادره ما لم يتح لسابقيهم .
4- الالتزام في القضاء بالحكم بمذهب بعينه ، الأمر الذي أدى إلى تجميد الفقه وعدم استجابته لما يستجد في حياة الناس من معاملات ونزاعات .
5- التعصب المذهبي الذي ساد القرون التي تلت القرن الثالث ، فقد احتدمت المجادلات بين المذاهب الفقهية ، خاصة في المذاهب التي كانت تتجاور بين الأقاليم ، كالمذهب الحنفي والشافعي .
سد باب الاجتهاد
لما رأى كبار فقهاء هذا العصر اختلاف الفتاوى ، وانضمام أدعياء العلم ومن لا خبرة له بهذا الأمر إلى زمرة أهل العلم ، خشوا على دين الناس ، فنادوا بسد باب الاجتهاد حتى يسدوا الطريق أمام الجهلة والأدعياء ، ولكنهم أخطئوا فى ذلك من حيث أرادوا الإصلاح ، فقد كان الواجب يقتضيهم أن ينشروا فى الأمة العلم ، وأن يمنعوا الاجتهاد إلا على أهله ، لأنه قد نتج عن دعوتهم ـ سد باب الاجتهاد ـ جمود الفقه الإسلامى ، فإن أقوال الأقدمين ـ مهما كانت سابقة لعصرها ـ تصبح عاجزة أمام تطور أحداث الزمن ، وما صلح لحل مشاكل الناس فى زمن لا يلزم عنه بالضرورة صلاحيته لحل مشاكلهم فى كل عصر وحين ، وإنما يستعين أهل كل عصر منهم بمن سبقهم وطرائق تفكيرهم ، انطلاقا منها لحل مشاكلهم المعاصرة ، وإن كان هذا لم يمنع من حل مشاكل الناس عن طريق الفقهاء والقضاء والمفتين ، لكن مع تكبد المصاعب والمشقات .
ومن باب الإنصاف فإن الحنابلة رفضوا القول بسد باب الاجتهاد ، وكذلك الشيعة الزيدية والإمامية والخوارج .
نصرة المذاهب الفقهية
اكتفى الفقهاء في هذه المرحلة بالانتصار للمذاهب الفقهية،واتخذ هذا الأمر عدة أشكال منها :
1- تعليل أحكام الأئمة السابقين فيما أفتوا فيه ، حيث قام فقهاء هذه المرحلة بتعليل هذه الأحكام والأقوال؛ حتى يخرّجوا عليها أحكام ما يستجد لهم من أحداث، ويعرف هذا بالتخريج، وهو إلحاق فرع بالأحكام والأقوال التي نص عليه الإمام . فصار قول الإمام موازيا للنص الشرعي .
2- استخلاص قواعد الاستنباط من أحكام أئمتهم، وذلك عن طريق دراسة فتاواهم وأحكامهم ، ومعرفة مناحي ومناهج تفكيرهم وطريقتهم في استنباط الأحكام ، ثم الموازنة بين أقوال الإمام المنقولة عنه لمعرفة الصحيح منها من غير الصحيح ، والمتقدم منها والمتأخر ، بالإضافة إلى مقارنة أقوال الإمام بأقوال أصحابه وكبار تلاميذه ، وبيان الراجح منها .
3- تنظيم فقه المذهب ، وذلك بتنظيم أحكامه وتوضيح مجملها وتقييد مطلقها، والتعليق عليها ، ودعمها بالأدلة ، وذكر المسائل الخلافية مع المذاهب الأخرى ، وتحرير محل الخلاف ومواضع الاتفاق ، وذكر الأدلة لدعم اتجاه المذهب ونصرته على المذاهب الأخرى وبيان رجحانه عليها .
وقد ازداد هـذا الوضع سوءا منذ سقوط بغداد سنة ( 656هـ ) حتى مشارف العصر الحديث .
وفي هذه المرحلة الثانية لهذا الدور استمر الفقه الإسلامى في تدهوره وضعفه ، بل زاد هذا التدهور وهذا الضعف ، فقد أصبح التقليد شيئا معتادا كأنه هو الأصل ، وبات من يحاول أن يكسر حدة هذا الجمود خارجا عن الإجماع ، مرميا بكل نقيصة .
وممن حاولوا الاجتهاد في هذا الطور والعودة بالفقه الإسلامى إلى منابعه الصافية ومصادره الأصيلة ، وعصر ازدهاره ونضجه : شيخ الإسلام ابن تيمية : أحمد بن عبد الحليم (ت728هـ) وكذلك تلميذه ابن القيم ، كما كان للشاطبى فى الأندلس نفس المحاولة ، ثم تبعهم بعد ذلك الشوكاني ، ممن أنفوا الخنوع ، وسمت بهم هممهم ، ورفضوا أن يكونوا مجرد أوعية للعلم .
ومن الغريب في هذه المرحلة أن يكون اهتمام الناس ، هو التساؤل عن حكم التمذهب بأحد المذاهب الأربعة ، وحكم من ينتقل من مذهب إلى مذهب ، وكأنه ينتقل من دين الإسلام إلى دين آخر ، علما بأن المذاهب الفقهية المتبوعة والمدونة والمندرسة كلها ليست كل الشريعة ، بل هى جزء منها .
تأليف المتون وشروحها وحواشيها
اقتصر دور الفقهاء في مرحلة التقليد والجمود التي تلت سقوط بغداد ، في مجال التأليف الفقهي ، على تأليف المتون بشروحها وحواشيها ، وعلى تدوين الفتاوى .والمتن الفقهي هو كتيب يلخص فيه المؤلف مسائل المذهب الفقهية ، ويكتبه بلغة مختصرة ومركزة ، وأحيانا يأتي هذا التركيز والاختصار في صورة حسنة ومقبولة ، وأحيانا يأتي في صورة ركيكة وضعيفة ، وأحيانا يأتي في صورة ملغزة وغير واضحة .
وقد اختلف الدارسون تجاه هذه المتون ، فمنهم من أنكرها ورأى أنه من الأجدر بها أن تحذف من مكتبة الفقه الإسلامي ، وتمحى من ذاكرة العقل الفقهي . ومنهم من أثنى عليها ، وجعلها محطا للفوائد العلمية والفقهية .
ومن النماذج في تأليف المتون الفقهية ، والذي كتب له البقاء وحظِي بالعناية والدرس ، متن ( بداية المبتدي ) للمرغيناني الحنفي ( ت 593هـ ) ، وقد شرحه المرغيناني نفسه في الهداية شرح البداية ، وقد شرح الهداية كل من البابرتي في العناية ، وابن الهمام في فتح القدير . وقد طبع هذا المتن وشروحه في كتاب واحد ، كما طبعوا منفصلين .
تأليف كتب الفتاوى
وهذا هو الجناح الثاني للتأليف الفقهي في هذه المرحلة ، وهذا أيضا لا يعني بطبيعة الحال انعدام التأليف في غير مجالي المتون والفتاوى ، وإنما نشير فقط إلى أن أغلب التأليف الفقهي كان منصبا في هذين الاتجاهين ، خاصة الاتجاه الأول الخاص بالمتون وشروحها وحواشيها .
والفتاوى هي إجابات لأسئلة وأحيانا بدون أسئلتها ، والحق أن هذه الفتاوى لها أهميتها لما تعكسه من حالة العصر في جميع جوانبه ، ولما تعكسه كذلك من اهتمام الناس ومدى ثقتهم بعلمائهم وفقهائهم . وقد امتازت هذه الفتاوى ـ أحيانا ـ بذكر أدلتها ، واختيار أصحابها ، كما ألجأت بعض الفقهاء إلى لون من الاجتهاد ، الذي قد يقوى وقد يضعف حسب منزلة المفتي ومكانته العلمية ، وتحصيله وفهمه لمقاصد الشريعة الإسلامية ، ووظيفة الفقه من وجهة نظره ، وفهمه ووعيه بحركة الحياة من حوله .
ومن هذه الكتب : الفتاوى البزازية لابن البزاز الكردي ، وفتاوى ابن تيمية ، وفتاوى السبكي ، وفتاوى ابن حجر الهيتمي ، والفتاوى الهندية لمجموعة من علماء الهند .
وهكذا ظل الفقه الإسلامى يزداد كل يوم ضعفا على ضعفه ، عدا بعض النجوم التى ظلت تتلألأ في سمائه من حين لآخر ، حتى بدأ يسترد عافيته على مشارف العصر الحديث ، ويزداد قوة يوما بعد يوم ، ونرجو من الله سبحانه أن يعود لازدهاره كما كان ، ونراه مطبقا في حياة الأفراد والأسر والمجتمعات والأمة كما كان أيضا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hamde.rigala.net
 
مدخل إلى علوم الشريعة(4)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مدخل إلى علوم الشريعة(1)
» مدخل إلى علوم الشريعة(2)
» مدخل إلى علوم الشريعة(3)
» مدخل إلى علوم الشريعة(5)
» مدخل إلى علوم الشريعة(6)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كلية دار علوم :: السنوات الدراسية :: الفرقة الاولى :: مدخل الشريعة الاسلامية-
انتقل الى: